محليات
جمعية
علماء الهند تعقد ندوة حول حياة فضيلة الشيخ السيد أسعد المدني – رحمه اللّه – رئيس
جمعية علماء الهند وعضو مجلس الشورى لدارالعلوم / ديوبند
إعداد : الأخ محمد أجمل
القاسمي
طالب بقسم الإفتاء بالجامعة
استمرت
الندوة يومين متتاليين أي يوم الاثنين والثلاثاء : 5-6/ ربيع الثاني 1428هـ
الموافق 23-24/ أبريل 2007م ، وجرى عقدها بقاعة حكومية مخصّصة للموتمرات والندوات
الهامة معروفة بـ«وكيان بهون» بمدينة
دهلي الجديدة .
في
24/ أبريل 2007م = 6/ربيع الثاني 1428هـ وبالذات مساء يوم الثلاثاء انتهت الندوةُ
التأريخية العالمية التي عقدتها جمعيةُ العلماء لعموم الهند حول حياة رئيسها الأسبق
الشيخ السيد أسعد المدني أمير الهند بالنسبة للأمة الإسلامية وحول إنجازاته
الهائلة وخدماتها الجسيمة بمبنى «وكيان
بهون» بدهلي . استمرت الندوةُ مدة يومين وتضمنت ست جلسات حضرها 1500 من كبار
العلماء الدعاة والكتاب والمفكّرين والزعماء والساسة البارزين من داخل البلاد
وخارجها. عُقِدت الجلسةُ الأولى للندوة، التي أُطلِق عليها «ندوة فدائي ملة»
في الساعة التاسعة من صباح الإثنين (23/أبريل 2007م = 5/ ربيع الثاني 1428هـ)
برئاسة فضيلة الشيخ السيد أرشد المدني رئيس جمعية العلماء ومدير شؤون التعليم
وأستاذ الحديث بجامعة دارالعلوم/ ديوبند، واسْتُهِلَّت بآي من القرآن الكريم سعد
بتلاوتها المقرئ محمد عفان المنصور فوري الأستاذ بالجامعة القاسمية شاهي/ مراد
آباد، وقام بإدارتها على التناوب فضيلةُ الشيخ السيد محمود المدني الأمين العام
للجمعية، والشيخ المفتي محمد سلمان المنصورفوري رئيس تحرير مجلـة «ندائى شاهي» الأردية المعروفة
والأستاذ بالجامعة القاسمية .
شارك الجلسة
رئيس الوزراء الهندي صاحب المعالي السيد الدكتور مان موهن سينغ ووزير الداخليـة
صاحب المعالي السيد شيوراج فاتل ، وقاما بإلقاء كلماتهما الغالية. وبالمناسبة قام
معالي رئيس الوزراء الهندي بمراسم تدشين المجموعة الإنجليزية للخطابات التي ألقاها
الفقيد الشيخ السيد أسعد المدني – رحمه الله – في البرلمان الهندي . والجدير
بالذكر أن المجموعة تمّ نقلها من الأردية إلى الإنجليزية بأيدي كل من السيد سعيد
السهروردي والسيد أنورحسين . وقامت بالنشر مكتبة «مانك فبلي
كيشن» الكائنة
بدهلي الجديدة . وبعد ذلك تحدّث رئيس الوزراء طويلاً عن مزايا شخصية فضيلة الشيخ
السيد أسعد المدني – رحمه الله – ، ووصف في حديثه بأنه كان علامة بارزة لكفاح
الحرية ومثالاً بارزًا للحضارة الهندية المشتركة . وقال: إنه كان يجمع بين الروحانية والتدين وكان
رجلاً تقدميًّا علمانيًا في جانب آخر. إن أعماله الشخصية ونشاطاته الاجتماعية
المكثفة كانت تعبِّر عن القيم السامية والمُثُل العليا التي ورثها الرجل كابرًا عن
كابر.
كما وصفه –
رحمه الله – بأنه كان مُرَبِّيًا للشعب وكان قائدًا مرموقًا، وإنه إلى جانبِ كونه
المؤمن الصادق والمسلم الحق كان يدعو إلى العلمانية والانسجام الطائفي، متأكدًا أن
العلمانية هي وحدها تضمن استتباب الأمن في هذه البلاد . كان الشيخ يصاحب الجميعَ
ويتقدم بهم إلى الأمام . ومشيرًا إلى الخطاب الوداعي الذي ألقاه فضيلة الشيخ –
رحمه الله – في البرلمان قال السيد الدكتور «مان موهن
سينغ»: إن الشيخ
كان يتمنّى أن يرى الهند بلدًا متقدِّمًا تتمتع فيه الأقلياتُ والطبقاتُ الضعيفة
بالمساواة في الحقوق والواجبات الوطنية ، مضيقًا : إن فضيلته كان يُركِّز دائمًا
على أن الحضارة الهندية المشتركة هي التي تضمن التطوّر والتقدم بالنسبة لنا نحن
الهنود .
وقال
رئيس الوزراء وهو يذكر حملة تحويل الهند إلى بلاد متقدّمة إلى عام 2020 - : إن
نحرص على الانتعاش والتقدّم فعلينا أن نتبنّى الأمور التي ظلّ الشيخ داعيًا إليها ورائدًا
لها ، مؤكدًا أن ركضه الدؤوب وتحرّكاته المكثفة لاستيفاء العدل لصالح الأقليات
والطبقات المتخلِّفة والطوائف المسحوقة ، أتتْ نابعةً عن تعقّله الكبير وبصيرته
السياسية المستنيرية .
كما ذكر صاحب
المعالي جهودَ جمعية العلماء التي بذلتْها في شأن إعطاء النساء حقوقَهنّ من تركة
الآباء قائلاً: إن الجمعية بذلت الجهود المكثفة فيما بين عامي 36-1935م في شأن
إعطاء النساء حقوقَهن من التركات؛ ولكنها لم تحظ بالنجاح؛ لان القائد محمد علي
جناح أدخل التغيير في الاقتراح الذي قدِّم في هذا الصدد واستثنى الأراضي الزراعية
؛ ولكن الشيخ المدني سعى مجدَّدًا في هذا الشأن، والشيخ وإن لم يحصد النجاح فيما
كان يرمي إليه؛ ولكنّه كان واثقًا بأنه سوف ينجح فيما كان يهدف إليه من إعطاء
النساء حقوقهن .
ثم تحدّث إلى
الندوة معالي وزير الداخلية السيد شيوراج فاتل وقال فيما قال: إن القُوى المفرِّقة
كلما تقوّتْ اختل أمن العالم ، وكلما تعززت القوى الجامعة تمتّع العالم بالسلام .
وإذا ألقينا النظرَ على حياة الشيخ أسعد المدني نجد بوضوح أنه عمل صادرًا عن الصدق
والإخلاص على وصل الإنسان بالإنسان وتعزيز صِلة العبد بالمعبود. وهذا هو الجانب
الهام من حياته الذي يشكل لنا نموذجًا جديرًا بالاقتداء .
والجانب الهام
الآخر من حياته أنه ظلّ يحمي التعليم الذي يشق الظلمات وينوّر السبل، مضيفًا: إذا
نتعمّق يبدو لنا أن الإله واحد؛ وهكذا كيفية الجوع واحدة، والأموات الطارئة
متماثلة؛ فأتساءل فلماذا يستخدم البعضُ القوةَ استخدامًا سيّئًا؟. وقال مؤكِّدًا
أن جميعَ الدياناتِ الموجودة في العالم تؤمن بنقطة الوحدة فيما بين القلة والكثرة،
والذين يتبنّون الدين في الواقع لايدعون إلى التفرّق والتشرذم، وفقيدنا الغالي
فضيلة الشيخ أسعد المدني كان من الصادقين الذين دَعَوا إلى الوحدة والانسجام .
وقبل كلماتِ
معالي الوزيرين قام فضيلة الشيخ المفتي محمد سلمان المنصورفوري الداعي إلى الندوة
التأريخية العالمية بتسليط الضوء حول أهداف الندوة وأغراضها.
وقال فيما قال
: إن الجانب الهام لشخصيته – رحمه الله – أنّه خاض السياسة في جل عقود من عمره؛
ولكنه على الرغم منه احتفظ بشخصيته ووقاره العلمي احتفاظاً دقيقًا، إنه لم يتخذ
السياسة ذريعة لتحقيق المصالح الشخصية؛ إنما سعى بصدق النية للحفاظ على معتقدات
المسلمين وأرواحهم وممتلكاتهم . كان يتمتع بالحكمة العملية ، فلم يستغل . الشعبَ
قط صادرًا عن الحماس والعاطفية، وعلى الرغم من أنه لم يزل عضوًا في البرلمان من
قِبل حزب «الكونغريس»؛ ولكن ذلك لم يمنعه قط عن رفع
الصوت لصالح حقوق المسلمين ضدَّ الحكومة . وكان رجلاً فقيد المثال في شأن مكافحة
الاضطرابات الطائفية ومساعدة المصابين والمتضرّرين .
كما قدّم فضيلته الشكر
والترحيب إلى المندوبين المشاركين من داخل البلاد وخارجها ، ثم دعا رئيسَ الجمعية
الموقّر الشيخ السيد أرشد المدني – حفظه الله – لإلقاء الكلمة الرئاسية .
تحدث الشيخ حول تأريخ
الجمعية، وتحدث بتفصيل عن الإنجازات والخدمات الهائلة التي أداها فضيلة الشيخ أسعد
المدني – رحمه الله – من على منبر الجمعية، مؤكدًا أن فضيلته – رحمه الله – لم يدع
شعبة من شعب الحياة إلاّ وقد ترك فيها بصمات واضحة. وحول كفاح الحرية أفاد فضيلتُه
بأن شمعة حركة الحرية التي أُشعِلَت بأيدي المحدِّث الشاه ولي الله الدهلوي ونجله
الرشيد الشاه عبد العزيز المحدّث الدهلوي ، ظلّت متقدة بفضل جهود الجمعية واهتمام
العلماء الآخرين حتى أسفرت المعركةُ الطويلة عن الاستقلال وتحرّر البلاد . وأردف
قائلاً : إن العلماء صانوا الحركة من الطائفية . وسجّلوا تأريخًا للقومية المتحدة
والاتحاد الإسلامي الهندوسي المشترك .
وأبدى فضيلةُ الشيخ فضل
الرحمن رئيس جمعية علماء الإسلام بباكستان وزعيم حزب المعارضة في البرلمان
الباكستاني انطباعاته قائلاً : إن الحب والإعجاب بشخصية فضيلة الشيخ أسعد المدني –
رحمه الله – ورثتُه فيما ورثتُه من والدي . وغاية أمنيتي أن أنقل هذا الحب إلى
عترتي ، مؤكِّدًا أن صوته الرافع الذي كان – رحمه الله – يصدر فيه عن قوة الإيمان
واليقين أثار اليقظة العامة في الأمة، إنه كان رجلاً جليل الشأن لم يعش للأمة
المسلمة إنما عاش لإسعاد المجتمع البشري وإرشاده . كان – رحمه الله – يمثّل في
شخصه تأريخًا . يجب علينا أن نعاهد جميعًا أن نقوم باستكمال ما تبقّى منه ، إن
فضيلته لم يعمل حتى يجمع الأمة على كلمة ، إنما سعى لصالح أن يجمع الإنسان على
رصيف واحد . إنه – رحمه الله – قد حالفه التوفيق الإلهي فحظي بالنجاح في كثير من
المواقف. ويجدر بي أن أذكرَ الدورَ البارز الذي لعبَه – رحمه الله – لتحسين
العلاقات بين الهند وباكستان ، وأؤكّدَ أن تلك العلاقات تحرز اليوم التقدّم
مرحليًا .
وقال الباحث الإسلامي
الكبير فضيلة الشيخ أسرار الحق القاسمي رئيس المؤسّسة التعليمية والملية لعموم
الهند في مقاله: كلّما تصالحت المشكلاتُ والمِحَن على فضيلة الشيخ أمير الهند
ازداد – رحمه الله – طموحًا وجراءة .
والجدير بالذكر أنه
أُصدِرت في الجلسة الأولى – علاوةً على مجموعة الخطبات البرليمانية الإنجليزية
للشيخ المدني – مجموعةُ الخطبات البرليمانيه الأردية له، ومجموعة الخطباتِ
الرئاسية التي ألقاها فضيلته في مختلف المناسبات، إلى جانب إصدار العدد الخاص
المسمّى بـ «فدائى ملة نمبر» لمجلة «ندائى شاهي» الأردية الشهرية المعروفة حول
حياة الشيخ – رحمه الله – ، وإلى جانب العدد الخاص المسمّى بـ«فدائى ملة نمبر» لمجلة «الجمعية» الأردية الأسبوعية حول حياته .
وتمت مراسمُ الأصدار على أيدي كل من فضيلة الشيخ مرغوب الرحمن رئيس جامعة
دارالعلوم/ ديوبند، وسعادة الدكتور السيّد حبيب أحمد ، وفضيلة الشيخ فضل الرحمن
رئيس جمعية علماء الإسلام بباكستان ، وفضيلة الشيخ السيّد أرشد المدني رئيس جمعية
علماء الهند، وفضيلة الشيخ محمد أيّوب كاتشهوي حفظهم الله تعالى .
شارك
في الندوة من باكستان 22 من أعضاء البرلمان الإقليمي والوطني بمن فيهم الشيخ عطاء
الرحمن، والسيد الشاه هداية الله، والسيد المقرئ يوسف، والسيد شجاع الملك، والشيخ
كُل نصيب خان، والسيد محمد طلحة محمود، والسيد أبرار أحمد، والسيد قيصر عالم.
وشارك من دولة «سري لانكا» كل من السيد الحافظ عبد
النذير، والشيخ م أمبارك، والسيد م أ عزيز، والسيد م ح م يوسف. ومن بريطانيا كل من
الشيخ معاذ، وعبد العزيز مير، والسيّد وحيد الدين، والشيخ أمجد، والشيخ شهزاد،
ومحمد بشير. ومن أميريكا اسمُ إسماعيل دادا بهائي جديرٌ بالذكر. كما حضر الندوةَ
عدد كبير من الشخصيات البارزة من بلاد بنجلاديش الشقيقة .
الندوةُ ضمنت
ستَ جلساتٍ عُقِدت برئاسة كل من أصحاب الفضيلة : الشيخ السيد أرشد المدني رئيس
جمعية علماء الهند، والشيخ فضل الرحمن رئيس جمعية علماء الإسلام بباكستان، والشيخ
المفتي عبد الرحمن من بلاد بنجلاديش ، والشيخ مرغوب الرحمن رئيس جامعة دارالعلوم/
ديوبند ، والشيخ محمد أيوب كاتشهوي من بلاد أفريقيا، والشيخ المقرئ محمد عثمان
نائب رئيس جامعة دارالعلوم / ديوبند، الذين ألقَوا فيها كلماتهم الرئاسية أيضًا.
وصلت إلى مقر
الجمعية 89 من مقال حول حياة فضيلة أمير الهند السيد أسعد المدني وخدماته
ونظرياته. وقَدَّم أكثرُ من 24 من كبار الشخصيات السياسية والاجتماعية انطباعاتِهم
شفهيًا في الندوة . كما لم يتمكّن بعضُ مَنْ كتبوا المقالات من المشاركة؛ ولكن
وصلت مقالاتُهم .
ومتحدثةً إلى
الجلسة الأخيرة للندوة وصفت السيدةُ سونيا غاندي رئيسة حزب كونغريس الشيخَ المدني
– رحمه الله – بأنه كان رجلاً محبًا للسلام ومستنيرَ الفكر. مؤكدةً: أنه في الواقع
كان يتمتع بالشخصية العظيمة، وحياتُه تحوي ثمانيةَ جوانب وكلٌ واحدٌ منها رائع
وحيوي. كان يفكّر لصالح الأمة والوطن. ومشيرةً إلى أحد خطابات الشيخ قالت السيدة:
إن الشيخ ظلّ محاربًا ضد الطائفيةِ داخلَ البرلمان وخارجه، كما كان يمارس الضغطَ
على الحكومة والأجهزة الحكومية لسيادة القانون والشريعة. إن الجهود الجبّارة التي
مارس فضيلته الضغط من خلالها لتحسين أوضاع المسلمين، تمخَّضت عن تشكيل اللجنة
المخصّصة للاستعراض الشامل لأحوال المسلمين ، وقد أتى قرارها ولن يمنعنا مانعٌ عن
تنفيد القرار، إلى جانب استكمال ما تبقّى من الحكومة من ذي قبل . مؤكِّدة أن
الحكومة ستتخِذ إجراءات في أسرع وقت بهدف تحسين أوضاع الشعب المسلم . قالت السيدة
: اليوم تتحطّم الحدودُ، ويَتحوّل العالم إلى قرية؛ ومن ثم تجري اليوم حوارات بين
مختلف الحضارات والديانات، وسوف تلعب الهند دورًا هامًا في هذا العالم الجديد ،
ومن ثم بدل أن نجعل الهندَ بلادًا تتسم بالتطرف الديني، يجب علينا أن نحوّلها إلى
بلاد تكون نزيهة من التعصب الديني والطائفي. هذا هو عقيدتي، وهذا هو التقدير
الواقعي لجهود الشيخ المدني .
وقال
السيد برناب مكهرجي الوزير المركزي في وزارة الخارجية أن السيد أسعد المدني ظلّ
نشيطاً للحفاظ على أمن البلاد ومواجهة الطائفية، والشيخ والجمعية كلتاهما قامتا
بحماية نظرة الوطن الموحد ورفضتا النظرة ذات الوطنيين. مضيفًا: إن الشيخ ظلّ
محاميًا لبلد يضمن الوحدة في الكثرة. ومتحدثًا حول حركة التحرير أكّد السيد
الوزير: أن فضيلته وقف ضدّ العصبة الإسلامية عندما كان كبار زعماء المسلمين
ينضمّون إليها .
وتحدّث
إلى الندوة الزعيم الكونغريسي البارز السيد «دغ وجى سينغ» وقال فيما قال: إن
التأريخ البنائي للبلاد يسجّل اسم جمعية علماء الهند في طليعة صفحاته، إن الجمعية
دعت في كفاح الحرية إلى الهند الموحّدة، وإن فضيلة الشيخ أسعد المدني ظلّ يسعى
طيلة حياته لإيجاد الوحدة فيما بين المسلمين والهندوس ، مؤكّدًا أن هناك قوىً في
البلاد تحاول أن تُسمِّم الحضارةَ الإسلامية الهندوسية المشتركة، فتقع علينا
المسؤولية أن نخيّب آمالها ونحافظ على الحضارة .
وقال الزعيم
الكونغريسي السيد فجوري: إن الشيخ حاول دائمًا لصيانة جو البلاد من التدهور فيما
يتعلق بالانسجام الطائفي بين المسلمين والهندوس. سواء أكانت قضيةُ هدم المسجد
البابري أو الاضطرابات الحاصلة في ولاية «غجرات» إن فضيلته
رفع صوتًا قويًا، وقام بواجب إغاثة المنكوبين، وظلّ في الطليعة في معركة حقوق
الأقليات.
وتعبيرًا عن
انطباعاته تجاه فضيلة الشيخ رحمه الله قال الوزير المركزي السيد سيف الدين سوز: إن
الشيخ كان جدّيا للغاية في شأن معالجة قضايا المسلمين وكان من دأبه – رحمه الله
– أنه كان
يجمع دائمًا الأعضاء المسلمين في البرلمان . ويوجّه إليهم النصحيةَ، ويُشجّعهم مؤكدًا
أن يرفعوا قضايا المسلمين في البرلمان بكل قوة مستبقين مقاعدهم في أحزابهم التي
ينضمّون إليها . إني بدوري عايشتُه طويلاً، إنه كان لايستكين قطّ من المجاهرة
بالحق لدى الحكام .
وفي ختام
الندوة تحدّث الشيخ محمود المدني الأمين العام لجمعية علماء الهند وعضو مجلس
الشيوخ الهندي قائلاً: إن الحكومة بدل أن توفِّر المدارسَ الإسلاميةَ التعاليمَ
العليا، يحسن بها –
إن تتمتع بالإخلاص في الواقع – أن تسعى للقضاء على التخلف الذي يعانيه
المسلمون ، مؤكدًا أن مطالبَ قرار اللجنة للاستعراض الشامل لأحوال المسلمين تؤكِّد
بوضوح أن المسلمين متخلِّفون في جميع القطاعات، فالحكومة إن تريد أن تعمل لصالح
المسلمين شيئًا، فعليها أن تُعطيَهم الحجزَ في جميع المجالات وترفع مستواهم وتعالج
تخلَّفهم، كما يجب عليها أن تُعطيَهم حقوقهم التي حُرِموها منذ تحرير البلاد.
يسرُّنا إذا قامت الحكومة بذلك . وقال الشيخ مضيفًا : أن تُتْركَ المدارسُ
الإسلامية حالتها؛ فإن المسلمين كما تكفّلوا بشؤونها في زمن مضى، سوف يتكفّلون بها
في الزمان القادم . وحاول فضيلته أن يصرِّح بأن المسلمين في حاجة إلى التقدم ،
وأنهم لا يرضون بالتدخل في نظام المدارس الإسلامية. ومن الطريف أن السيدة سونيا
غاندي كانت حاضرة في الجلسة، وقد رفض الحضورُ رافعين أيديهم من على مقاعدهم
المشروعَ الحكومي الذي يقضي إدخالَ العلوم العصرية في المنهج الدراسي للمدارس
الإسلامية التي تسير بتبرعات المسلمين إلى جانب كلِّ مشروعٍ حكومي يَرمي إلى
التدخّل في النظام المدرسي . وطالبوا الحكومةَ بأن تمتنع عن تأسيس الهيئة المركزية
للمدارس الإسلامية . وبالمناسبة أكّد الشيخ : نحن نتحمّل مؤونة المدارس راضين
بالكفاف ، ونحن نريدُ حلول القضايا الإسلامية ، والحكومة إذا تودّ معالجة قضايا
المسلمين ، فعليها أن تقوم بإنشاء المدارس العصريّة لأطفال المسلمين .
وأخيرًا ألقى
فضيلة الشيخ المفتي محمد سلمان المنصورفوري كلماتِ الشكر والثناء . وأبدى فضيلة
رئيس جمعية علماء الهند عواطفه الودّية تجاه المشاركين . وانتهت الندوة بدعاء
فضيلة الشيخ المقرئ محمد عثمان المنصورفوري نائب رئيس دارالعلوم / ديوبند حفظه
الله ورعاه .
مجلة
الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . شعبان 1428هـ = أغسطس -
سبتمبر 2007م ، العـدد : 8 ، السنـة : 31.